«بالدموع والبكاء» استقبل أسر وأقارب وجيران الشهداء الخمسة جثامين أبنائهم فى ساعة متأخرة أمس.. عاشوا لحظات عصيبة، لم يهدئ من أحزانهم غير أن أبناءهم راحوا فداء الوطن، توجهت الأسر إلى مطار ألماظة لاستقبال أبنائهم، رفعوا أعلام مصر، ولفوا بها النعوش.
فى منطقة المعصرة بحلوان تجمع المئات من أهالى عرب سلام أمام منزل والد الشهيد «طه محمد إبراهيم»، الذى استشهد أمس الأول على الحدود المصرية فى إسرائيل، سيطرت عليهم حالة من الحزن، وامتلأ المنزل بالنساء اللاتى ارتدين الملابس السوداء لتقديم العزاء لأسرته.
«المصرى اليوم» كانت هناك رصدت أحزان الأسرة فى أيام رمضان الكريم، الأسرة تسكن فى شقة بالإيجار داخل منزل بسيط مكون من غرفتين يقطنهما الأب والأم والشهيد وشقيقه، وتكاد تخلو من الأثاث.
قال والد الشهيد: خرجت من الدنيا بـ٣ أولاد و٥ بنات توفى ابنى الأصغر العام الماضى وتوفى الشهيد أمس الأول، ولم يبق لى إلا ابن وحيد يدعى «محمود ٢٤ سنة» يعمل بنظام العقد المؤقت فى إحدى الشركات، وأضاف: «سنوات عمرى بلغت ٦٦ عاما وليس لى أى مصدر رزق، وكان الشهيد يساعدنى ويساعد شقيقته الخامسة على تكاليف الحياة».
وواصل كلامه قائلا: «كان أطيب أبنائى وأقربهم إلى قلبى وعلى الرغم من تجنيده، فإنه كان يساعدنى براتبه من الخدمة العسكرية». وقالت والدته: «لم نصدق حتى الآن أنه استشهد، الذى يهون علينا هذا الخبر أنه استشهد فى شهر كريم، وكان - طه - يحصل على إجازة ١٥ يوما فيملأ المنزل بالسعادة، ويفعل كل شىء يسعد الأسرة وناشدت المسؤولين مساعدتهم والوقوف إلى جوارهم كأسرة أصبحت دون عائل، خاصة أن ابنها استشهد أثناء أداء الواجب.
فيما اختلطت الأحزان والأفراح فى زاوية بلتان بطوخ التابعة لمحافظة القليوبية، بعد وصول خبر استشهاد ابن قريتهم المجند «أسامة جلال إمام». كان الأهالى يحاولون تهدئة الأسرة بأن ابنهم مات شهيدا فى شهر كريم، والشهيد «أسامة» هو الابن رقم «٧» وسط أسرة لمزارع رزقه الله بـ«٨» أولاد.
أهالى القرية اصطفوا على طول الطريق فى انتظار وصول الجثمان. الابن الأكبر والأب سافرا إلى مطار ألماظة لنقل الجثمان إلى قريتهما. طوال الطريق والأب يمسك فى يده صورة ابنه. لم ينطق بكلمة واحدة غير الجملة التى رددها كثيرا «الحمد لله ابنى مات شهيداً». أما الأم «ربة منزل» فقد أصيبت بالإغماء فور تلقيها الخبر. صرخت تنادى على ابنها الشهيد. إخوته لم يصدقوا الخبر. سارعوا بالاتصال بأصدقائه وزملائه فى الخدمة. وكانت الاجابة «البقاء لله».
«أسامة» كان بين أفراد أسرته يوم الاثنين الماضى، قضى إجازة لمدة أسبوع. ودع إخوته وكأنه لن يعود مرة ثانية. طبع قبلة على وجه والدته وذهب إلى شقيقاته المتزوجات فى بيوتهن، وقال لهن «أحبكن كثيرا».
التقت «المصرى اليوم» جيران الشهيد وصديقه المقرب. جميعهم أصيبوا بصدمة بعد وصول الخبر إليهم. قال «أسامة السيد» صديق الشهيد: «كنت سعيداً أن اسمى يشبه اسمه.. كان أخى قبل أن يكون صديقاً لى..
كلما كان يأتى فى إجازة كان يقضيها معى.. نحن زملاء دراسة منذ المرحلة الابتدائية.. كلما كنا نجلس معاً.. كان يشتكى لى ضيق الحال.. يتمنى أن ينهى فترة تجنيده سريعا حتى يخرج للبحث عن عمل لمساعدة والده، الذى تعب معهم كثيرا.. كان يتمنى أن يحصل على فرصة عمل يستطيع بها أن يوفر المال لزواج شقيقاته اللاتى لم يتزوجن بعد».
أما النقيب الشهيد «أحمد جلال» فرحل عن الحياة وترك زوجة وطفلة لم تبلغ من العمر إلا أشهراً قليلة. انتقل مع أسرته من مسقط رأسه فى الصوامعة بسوهاج إلى شارع عبدالناصر بأسيوط. تزوج هناك وبدأ رحلة عمل مشرفة كما يقول زملاؤه فى الخدمة.
وأجمعت أسر وأهالى الشهداء على ضرورة القصاص والتحقيق العاجل مع من قتلوا أبناءهم، وعدم التهاون فى حقهم وحق كل مصرى.