بدأت محكمة جنايات المنصورة أمس، أولى جلسات محاكمة قيادات بمديرية أمن الدقهلية، بتهمة قتل وإصابة المتظاهرين بالمحافظة، أثناء ثورة «٢٥ يناير»، وسط إجراءت أمنية مشددة من قوات الجيش والشرطة.
وفرضت القوات طوقا أمنيا حول مجمع المحاكم، الذى شهد إجراءات غير مسبوقة، بدأت بوقوف مدرعات وناقلتى جنود أمام المحكمة مساء أمس الأول، وقامت القوات بتفتيش قاعات المحكمة، تحسبا لأى أعمال تخريبية، ووضعت الشرطة بوابات إلكترونية على مدخل المحكمة وباب القاعة للكشف عن المعادن والأسلحة.
ونظم عشرات النشطاء السياسيين وشباب الأحزاب مظاهرة رمزية أمام المحكمة، رفعوا خلالها لافتات تضامن مع أسر الشهداء والمطالبة بالقصاص من المتهمين ومنها «اعدموهم» و«دم شهدائنا مش رخيص» و«القصاص من قتلة الشباب» و«من قتل يقتل ولو بعد حين»، ورددوا هتافات «الإعدام حق الله فى قتلة الشهداء» و«يا شهيد يا شهيد دمك عندى مش رخيص».
وعلى الرصيف المقابل نظم عدد من الشباب وقفة صامتة للتضامن مع ضباط الشرطة ورفعوا لافتات «لا لمحاكمة ضباط الشرطة» و«الشرطة والشعب ضد البلطجية» و«يا شباب الثورة لا تظلموا» و«اللواء أحمد عبدالباسط رجل شريف».
بدأت الجلسة فى العاشرة والنصف صباحا، وسط حضور مكثف من ضباط الشرطة والجيش داخل القاعة واحتل أفراد الشرطة بملابس مدنية نصف القاعة فى المقاعد المجاورة للقفص ومنعوا اقتراب أحد، كما وقف العشرات منهم حول القفص لمنع تصوير المتهمين، بينما جلست أسر الشهداء والمصابين فى جزء من القاعة.
حضر المتهمون وهم اللواءان أحمد عبدالباسط، وعادل البربرى، والرائد محمود مصطفى صقر، رئيس وحدة تنفيذ الأحكام بقسم أول المنصورة، والنقيب حسام عبدالرحمن بدوى، الضابط بقوات الأمن المركزى بالدقهلية، قبل بدء محاكمتهم بدقائق قليلة.
وتلت المحكمة، برئاسة المستشار منصور حامد عبدالحميد صقر، وعضوية المستشارين أحمد فؤاد الشافعى وشريف محمد قورة، وسكرتارية رمضان الديسطى وتامر عبدالمعبود، قرار اتهام النيابة.
وقال ممثل النيابة إنه «خلال الفترة من ٢٥ حتى ٣١ يناير ٢٠١١ اشترك المتهم الأول والثانى بطريقتى التحريض والمساعدة مع بعض ضباط أفراد الشرطة فى قتل المجنى عليه محمد أمين الباز عمدا مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتل بعض المتظاهرين خلال أحداث التظاهرات السلمية، التى بدأت فى «٢٥ يناير» احتجاجا على سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية فى البلاد وتعبيرا عن المطالبة بتغيير نظام الحكم».
وأضافت النيابة: «اتفق المتهمان فيما بينهما على تحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم فى تأمين تلك المظاهرات فى الميادين المختلفة بمحافظة الدقهلية، بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش على المتظاهرين بقصد قتل بعضهم، وترويع الباقين لحملهم على التفرق وساعداهم على تنفيذ ذلك، بأن أمرا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات فى مثل هذه الحالات».
وطالب الدفاع بضم ملف القضية رقم ١٢٢٧ لسنة ٢٠١١ جنايات قصر النيل، المتهم فيها اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، والرئيس السابق محمد حسنى مبارك، بقتل المتظاهرين لبيان التعليمات والأوامر الصادرة منهما بالتعامل مع المتظاهرين على مستوى الجمهورية، بالإضافة لإدخالهما ضمن المتهمين فى القضية والتصريح لهيئة الدفاع والمدعين بالحق المدنى، بإعلان اللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية، باعتباره مسؤولا بصفته عن الحقوق المدنية، وكذلك إعلان «مبارك» فى محبسه بالدعوى المدنية بشخصه، بالإضافة لضم تقارير الطب الشرعى لجميع المصابين فى القضية.
وطلبت هيئة الدفاع توقيع الكشف الطبى، على من لم يتم توقيعه عليه من الضحايا والاستعلام من مديرية أمن الدقهلية بشكل رسمى، عما إذا كان ورد إليها أى إخطارات باندلاع مظاهرات عن الأيام من ٢٥ يناير وحتى ٢٨ يناير أم لا؟.
وأعرب المدعى بالحق المدنى عن الشهداء، عن خشيته من التلاعب فى الأدلة والمستندات التى طلبوها قبل ورودها للمحكمة، خاصة أن المتهمين مازالوا فى مواقع وظيفية وجميع الأدلة بحوزتهم.
وقرر المستشار منصور حامد صقر، رئيس المحكمة، تأجيل نظر القضية إلى ١٢ يونيو المقبل، واستمرار إخلاء سبيل المتهمين. وعقب رفع الجلسة تعالت صيحات الاستنكار من أسر الشهداء والمحامين، بسبب التواجد المكثف لأفراد الأمن داخل القاعة، ونشبت مشاجرات بين عدد من الضباط والمحامين.