نـــــــــجــــــــــاة الــصــــغــــيـــــــــــــرة
اسمها بالكامل نجاة محمد محمود حسني من مواليد القاهرة في عام 1939م تنتمى لاسرة فنية محبة للفن وكان البيت الذى نشأت فيه يسمى (ببيت الفن).
فوالدها كان خطاط معروف فى الوسط الفنى وله علاقات وطيدة بكبار الفنانين كما كان كثير الزواج والانجاب ووصل عدد ابناءة لنحو 17 ابن وابنه كان من بينهم السندريلا الراحلة سعاد حسنى الشقيقة الصغرى لنجاة .
ومعروف ان سعاد حسنى اكتشفها العملاق الراحل عبدالرحمن الخميسى حينما كان فى احدى زياراته لوالدها بينما اكتشف الاب مواهب ابنته نجاة وهى فى سن الطفولة وعهد الى شقيقها الاكبر عاشق الموسيقى عز الدين حسنى على تدريبها .
واشتهرت نـجـــاة الــصغــيــرة بتقليدها لأم كلثوم وهى طفلة وقد قالت نجاة بعد ان أمضت سنوات طويلة في الفن: ـ لقد أمضيت نصف عمري أقلد أم كلثوم وهذا كان بالنسبة لى أجمل تدريب لصوتي.
وتعد مطربتنا الكبيرة صاحبة الاحساس النادر فى الغناء والذى لم يجود لنا الزمان بمثله كثيرا من المطربات المعدودات التى كانت تطلب بالاسم من قبل الزعماء والملوك والرؤساء والامراء العرب حيث كانت ضيف دائم على حفلاتهم الكبرى والشهيرة سواء الخاصة اوالرسمية اوالملكية .
وتقلدت عشرات الاوسمة والنياشين التى لم يتقلد مثلها الكثير من النجوم والنجمات فى حقبتى الستينات والسبعينات فكانت منافس شرس فى هذا لام كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم حافظ الذين كانوا ايضا ضيوفا دائمين على مثل هذه الحفلات الكبرى.
وبالطبع لم يكن هذا النجاح من قبيل الصدفة بينما جاء نتيجة مجهودا استمر اعوام طويلة ونجاحها فى ان تكون صاحبة لون مميز وخاص بها لم تنافسها فيه اى مطربة اخرى فكانت شديدة الذكاء فى اختياراتها ابتداء باغنياتها الاولى (ارجع إلي وألف أهواه وأسهر وانشغل أنا وغريبة ومش هاين أودعك وغيرها كثيرا).
وغابت اكثر واكثر بعد رحيل شقيقتها سعاد حسني الذى اثر فيها كثيرا فقررت الابتعاد وعادت للظهور مؤخرا عبر دعوى قضائية ابدت فيها اعتراضها على الشكل الذى تم اظهارها به فى مسلسل (السندريلا) وجسدت شخصيتها فيه الفنانة الشابة غادة رجب .
نجاة والسينما
وبالطبع بعد النجاح الكبير الذى حققته كمطربة وثبتت اقدامها وسط عمالقة الفن والغناء فى حقبة الخمسينات كان من الطبيعى ان تلتقطها السينما وتفتح لها ابوابها على مصراعيها فشاركت فى بطولة مجموعة من الافلام الجميلة .
الا انها لم تدع السينما تأخذها من عشقها الاول الغناء فكنا نجد فارق زمنى بين كل فيلم واخر ولعل من ابرز وانجح الافلام التى قدمتها (الشموع السوداء) مع صالح سليم وامينة رزق و(شاطئ المرح) مع حسن يوسف وثلاثى اضواء المسرح و(سبعة ايام فى الجنة) مع امين الهنيدى وحسن يوسف ويوسف فخر الدين و(ابنتى العزيزة) مع رشدى اباظة وعمر خورشيد.
وجفت الدموع مع محمود ياسين ومحمود المليجى وغيرها من الافلام الجميلة والاغانى الخالدة فهل من الممكن ان يجود لنا الزمن مرة ثانية بمطربة تمتلك نصف ماكانت تمتلكة نجاة هذا مانتمناه .
من اغانى نـجـــاة الــصغــيــرة :
عيون القلب _حبيبى سامعنى _حقك عليا _اما غريبة _انا بعشق البحر _بان على حبو _فاكرة _غريبة منسية _ليه خلتنى احبك _راجع بتسأل _ سامحنى _سمارة _ ذكريات _ يامسافر وحدك _ عمرى_الا فراق الاحباب _لا تكذبى _ الطير المسافر _متى ستعرف كم اهواك _ عطشان يا سمرانى
----مطربة يجب أن تستولي عليها الحكومة" هكذا كان أول عنوان لمقال صحافي عن الفنانة الصغيرة في ذلك الوقت "نجاة محمد حسني"، أما كاتب المقال فكان الكاتب "فكري أباظة"، عنوان يشد الانتباه، وقلم له جمهور، ومجلة ذائعة الصيت عام 1946 هي مجلة "المصور"، لكن التفاصيل حملت مفاجأة، فقد كتب فكري أباظة عن مطربة لا يتعدى عمرها تسع سنوات، مؤكدا أنه شاهد "مخلوق صغير الحجم" يصعد على خشبة أحد مسارح الإسكندرية، يرتدي "فستان سواريه" ويستعد للغناء لأم كلثوم، ليفاجأ بعد ذلك أن تلك الطفلة الصغيرة قادرة على أداء أغنية "سلوا قلبي" برزانة وثبات وحلاوة وفن، لكنه طالب الحكومة والموسيقار محمد عبد الوهاب بالتدخل لحماية تلك الموهبة من الخطر، الذي يتمثل في السهرات والغناء في المسارح الليلية في سن صغيرة التي قد تدمر موهبتها بالتدريج.
انتظرت نـجـــاة الــصغــيــرة عدة سنوات حتى تدشن نفسها كمطربة مستقلةويتردد أن الموسيقار محمد عبد الوهاب قد حرر بالفعل محضرا في قسم الشرطة ضد والد "نجاة" الذي لم يستجب لطلبه بأن يتركها تتعلم أولا أصول الغناء وتصقل موهبتها الملائكية، لكن الوالد – وهو خطاط شهير في هذا الوقت من أصل سوري ـ كان يفخر بمواهب أبنائه، ويريد أن يقدمهم للناس في أسرع وقت دون تخطيط كاف لذلك، فلم يلتزم بنصيحة عبد الوهاب، حتى نجح الأخير في فصل نجاة عنه وتعليمها أصول الفن، وهو ما تكرر بشكل آخر بعد ذلك بحوالي عشر سنوات مع شقيقتها من الأب، الفنانة "سعاد حسني".
ولفترة طويلة كان البعض لا يصدق ان "نجاة الصغيرة" هي الأخت الكبرى للسندريلا، ليس بسبب عدم وجود شبه كبير في الملامح، ولكن بسبب الاسم أيضاً، غير أن نجاة حذفت اسم الأب من اسمها الفني، بعدما اكتفى مكتشفوها باسم "نجاة الصغيرة" لتمييزها عن المطربة الكبيرة في هذا الوقت "نجاة علي"، غير ان المفارقة أن "نجاة" سارت في طريقها، وحصدت شهرة لم تستمر لدى نجاة الأصلية، لدرجة أن الأجيال التالية لم تعرف سبباً لتمييزها بكلمة "الصغيرة" لأنهم لم يسمعوا عن "نجاة الكبيرة".
وبينما كانت أغنيات البداية لأم كلثوم، نجمة هذا العصر بدون منازع، انتظرت نـجـــاة الــصغــيــرة
عدة سنوات حتى تدشن نفسها كمطربة مستقلة، بعدما تجمع حولها العديد من الشعراء والملحنين الذين قرروا إعطاءها أفضل ما عندهم، وحسب دراسة حديثة للدكتور نبيل حنفي محمود نشرتها أخيرا مجلة "الهلال"، فإن هناك عدة مراحل مؤثرة في مشوار نجاة مع الغناء وهو مشوار لا يقارن بنشاطها في السينما الذي لم يحقق لها المكانة ذاتها، ففي عام 1947 شاركت في فرقة الملحن "فريد غصن" وسافرت في رحلة إلى سوريا وحققت رد فعل طيبا جدا، وقالت وقتها أن السوريين يتمتعون بموهبة الإنصات والتمييز بين معادن الأصوات، ثم إستمرت جولاتها في الاقاليم المصرية عدة سنوات، وشاركت في فيلم "هدية" عام 1947 في دور ابنة الممثلة الشهيرة وقتها "عزيزة أمير"، وانتظرت حتى عام 1953 لتعترف بها الإذاعة المصرية وتنتج لها أغنية خاصة بعنوان "يارب".
وكانت الاذاعة في هذا الوقت هي الجهة الوحيدة لتبني الاصوات الجديدة قبل ان يدخل منتجو الاسطوانات على الخط، قدمت بعد ذلك نجاة عدة أغنيات أشهرها "كل ده كان ليه" لمأمون الشناوي ومحمد عبد الوهاب، ويروى أن نجاة الكبيرة حرصت على تقديم أغنية جديدة في نفس اليوم الذي قدمت فيه الصغيرة "كل ده كان ليه" وقد شعرت أن الصوت الجديد كاد ينسي الناس الاسم القديم.
بعد ذلك وابتداء من عام 1955 باتت نجاة مطربة معترفا بها في الوسط الفني المصري، وتوالت الأغنيات المؤثرة، مع أبرز الشعراء والملحنين، مثل "أوصفولي الحب" كلمات مأمون الشناوي، ألحان محمود الشريف، يا قلبك، لحسين السيد والحان رياض السنباطي، وعطشان يا أسمراني لمرسي جميل عزيز والحان محمود الشريف.